responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 242
يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ
أَيْ، لَا نَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى مَوَاضِعَ نَتْعَبُ وَنَرْجِعُ إِلَيْهَا فَيَمَسُّنَا فِيهَا الْإِعْيَاءُ وَقُرِئَ لَغُوبٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالتَّرْتِيبُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ظَاهِرٌ كَأَنَّهُ قَالَ لَا نَتْعَبُ وَلَا يَمَسُّنَا مَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْقَوِيَّ السَّوِيَّ إِذَا قَالَ مَا تَعِبْتُ الْيَوْمَ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَا عَمِلَ شَيْئًا لِجَوَازِ أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَكُنْ بالنسبة إليه متعبا لوقته، فَإِذَا قَالَ مَا مَسَّنِي مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتْعِبًا يُفْهَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا لِأَنَّ نَفْسَ الْعَمَلِ قَدْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتْعِبًا لِضَعِيفٍ أَوْ مُتْعِبًا بِسَبَبِ كَثْرَتِهِ، وَاللُّغُوبُ هُوَ مَا يَغْلِبُ مِنْهُ وَقِيلَ النَّصَبُ التَّعَبُ الْمُمْرِضُ، وَعَلَى هَذَا فَحُسْنُ التَّرْتِيبِ ظَاهِرٌ كَأَنَّهُ قَالَ لَا يَمَسُّنَا مَرَضٌ وَلَا دُونَ ذَلِكَ وهو الذي يعيا منه مباشرة.

[سورة فاطر (35) : آية 36]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ [فاطر:
29] وَمَا بَيْنَهُمَا كَلَامٌ يَتَعَلَّقُ بِالَّذِينِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها [فاطر: 33] قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ رَاجِعٌ إِلَى الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا أَيْ لَا يَسْتَرِيحُونَ بِالْمَوْتِ بَلِ الْعَذَابُ دَائِمٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ أَيِ النَّارِ وَفِيهِ لَطَائِفُ: / الْأُولَى: أَنَّ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا إِنْ دَامَ كَثِيرًا يَقْتُلُ فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ يَعْتَادُهُ الْبَدَنُ وَيَصِيرُ مِزَاجًا فَاسِدًا مُتَمَكِّنًا لَا يُحِسُّ بِهِ الْمُعَذَّبُ، فَقَالَ عَذَابُ نَارِ الْآخِرَةِ لَيْسَ كَعَذَابِ الدُّنْيَا، إِمَّا أَنْ يُفْنِيَ وَإِمَّا أَنْ يَأْلَفَهُ الْبَدَنُ بَلْ هُوَ فِي كُلِّ زَمَانٍ شَدِيدٌ وَالْمُعَذَّبُ فِيهِ دَائِمٌ الثَّانِيَةُ: رَاعَى التَّرْتِيبَ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ الْعَذَابُ، وَلَا يَفْتُرَ فَقَالَ لَا يَنْقَطِعُ وَلَا بِأَقْوَى الْأَسْبَابِ وَهُوَ الْمَوْتُ حَتَّى يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ولا يجابون كما قال تعالى: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ [الزُّخْرُفِ: 77] أَيْ بِالْمَوْتِ الثَّالِثَةُ: فِي الْمُعَذَّبِينَ اكْتَفَى بِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَذَابَهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ نَزِيدُهُمْ عَذَابًا.
وَفِي الْمُثَابِينَ ذَكَرَ الزِّيَادَةَ بِقَوْلِهِ: وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النِّسَاءِ: 173] ثُمَّ لما بين أن عذابهم لا يخفف.

[سورة فاطر (35) : آية 37]
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)
قال تعالى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها أَيْ لَا يُخَفَّفُ وَإِنِ اصْطَرَخُوا وَاضْطَرَبُوا لَا يُخَفِّفُ اللَّهُ مِنْ عِنْدِهِ إِنْعَامًا إِلَى أَنْ يَطْلُبُوهُ بَلْ يَطْلُبُونَ وَلَا يَجِدُونَ وَالِاصْطِرَاخُ مِنَ الصُّرَاخِ وَالصُّرَاخُ صَوْتُ الْمُعَذَّبِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا أَخْرِجْنا أَيْ صُرَاخُهُمْ بِهَذَا أَيْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا لِأَنَّ صُرَاخَهُمْ كَلَامٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِيلَامَهُمْ تَعْذِيبٌ لَا تَأْدِيبٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَدَّبَ إِذَا قَالَ لِمُؤَدِّبِهِ: لَا أَرْجِعُ إِلَى مَا فَعَلْتُ وَبِئْسَمَا فَعَلْتُ يَتْرُكُهُ، وَأَمَّا الْمُعَذَّبُ فَلَا وَتَرْتِيبُهُ حَسَنٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَعْفُو عَنْهُمْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ وَعْدًا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ يَصْبِرُ لَعَلَّهُ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ فَإِذَا طَالَ لُبْثُهُ تَطَلَّبَ الْإِخْرَاجَ مِنْ غَيْرِ قَطِيعَةٍ عَلَى نفسه فإن لم يقده يَقْطَعُ عَلَى نَفْسِهِ قَطِيعَةً وَيَقُولُ أَخْرِجْنِي أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا ضَالًّا فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ ضَالٌّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ كانَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست